الحرية السياسية و الديمقراطية
أن الدعوة الى الديمقراطية العادلة أساسها الحريات السياسية , حيث أن هذا النظام ربط بين الديمقراطية و فكرة الحريات الفردية و هذا المذهب هو نظرية في السياسة و الاقتصاد , كما ذهب إلى ذلك عالم الاجتماع “ماكس فيبر” و أصحابها فأنصار هذا المذهب ينظرون إلى العمل السياسي من زاوية المشاركة السياسية والغاية الأولى للديمقراطية هي الحرية .
وبهذا تعتبر الحرية السياسية من المشاكل الفلسفية المختلف عليها من قبل الباحثين والمفكرين وقد عاصرت الفكر الإنساني منذ فترات تاريخية وحتى وقتنا الحاضر فهي لازالت تحتل مكانة مهمة في اهتمام الكثير من الكتاب والفلاسفة والفقهاء السياسيين , وأن السر حسب رأي الكثير يرجع إلى اكتساب الحرية هذه الأهمية الأساسية هو ارتباطها العميق بحياة الإنسان وبقيمته وكرامته . وبهذا تعتبر الحرية من أغلى الأشياء التي ناضلت الشعوب من اجل أن تنعم بها , وتكمن الإشارة هنا أن الحرية السياسية هي جزء من الحرية الإنسانية وهي تتضمن الدعوة الى الديمقراطية التي تتضمن حرية المشاركة في الحكم واختيار الحاكم ومراقبة أعمال الحكام ونقدها وإبداء الرأي فيها وبذلك تكون الفرصة متاحة أمام الفرد ليعبر عن إرادته دون خوف أو حذر . أن الاهتمام الأول للفرد منذ فترات سابقة هو المطالبة بحقوقه وحرياته ، وأن تطور المجتمعات السياسية هو في الواقع تطور لصراع مرير ومتواصل بين الفرد من خلال المجتمع والسلطة السياسية الحاكمة وان هذا الصراع ضرورة اجتماعية لإقامة حياة ديمقراطية أفضل .
لا تكون عادة الحرية التي يتمتع بها الإفراد والمؤسسات والمجتمعات مطلقة وبدون حدود فإذا كانت مطلقة وغير محدودة فإنها غالبا ما تتحول إلى ظلم وجور وتعسف اجتماعي، غير أنها تطلق عنان حرية فرد أو جماعة أو مجتمع معين وتقيد حرية فرد أخر أو جماعة أخرى أو مجتمع أخر ، لذا فالحرية تتحول إلى ظلم واستبداد إذا لم تتقيد ولم ترسم مديات حدودها. ومن قاعدة حرية الرأي المستمدة من الحرية الفردية تنبع فكرة ” الحرية السياسية ” التي تجعل للفرد حرية تبني ما يشاء من أراء ومعتقدات سياسية وحرية تكوين الأحزاب السياسية والنقابات حول الأفكار التي يعتنقها الأفراد . و الحرية الفكرية تبيح للأفراد تبني ما يشاؤون من معتقدات شريطة عدم إضرارها بالمجتمع والآخرين , وقد أكد هذا القول “جون ستيوارت ميل” . ومن جهة ثانية يمكن ان نعرف ماهي السياسة , فقدعرف اللغويون السياسة بقولهم ” ساس الناس سياسةً أي تولى رياستهم وقيادتم … وساس الأمور اي دبرها وقام بإصلاحها فهو سائس ” . ويختلف تعريف السياسة من نظرية إلى أخرى ومن فلسفة إلى أخرى ويمكن تعريف السياسة من جهة اخرى فهي ” الفن الممكن في إدارة المتغير ” . ومفهوم السياسة في الإسلام لا يبتعد عن معناه اللغوي، فالسياسة في الفكر الإسلامي تعني ” رعاية شؤون الأمة وتولي أمورها ” ، وتشكل السياسة والحياة السياسية ركناً أساسياً من أركان الإسلام ، فقد أجمع المسلمون على وجوب الإمامة وهي حسب الفهم الإسلامي يعني إقامة الدولة . إن العمل السياسي الإسلامي من حق جميع أفراد الأمة وطبقاتها، بل هو من واجباتها باعتباره إهتماماً بشؤون المسلمين «من لم يهتم بأمور المسلمين فهو ليس منهم» وكذلك بإعتباره أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر، وهو واجب الجميع
ومن هنا تصبح الحريةُ السياسية وسيلةً يتمكن بها المرءُ من تحقيق الديمقراطية وإبراز حقوقه السياسية والفكرية في مواجهة النظام ، والحد من سلطة الحاكم، عن طريق السماح بإبراز رأي الأفراد مطلقًا، وتكوين الأحزاب والنِّقابات . أن الحرية السياسية تختلف باختلاف الفلسفات العديدة كاختلاف الحرية السياسية في الفلسفة الإسلامية عنها في الفلسفة الرأسمالية .أن الطموحات الديمقراطية السياسية لها من الخصائص ما يميزها كالحرية السياسية والصحافة الحرة بجميع أشكالها وتبني خيار التعددية الحزبية و قيام المعارضة السياسية ، وحماية الحريات الفردية والجماعية المختلفة من اجل للوصول إلى السلطة أو البقاء فيها كل هذه المبادئ، اختصرها كليسون في مقولته الشهيرة ” إن فكرة الحرية السياسية هي التي تحتل الصدارة في الإيديولوجيا الديمقراطية و ليست المساواة ”
مكننا القول ختاما تضمن مفهوم الديمقراطية منذ نشأته مفهومي ” الحرية السياسية ” و ” المساواة الاجتماعية ” حيث قال بريكليس ( 429 ق.م – 490 ق.م ) . سياسي يوناني أثيني .(إن السلطة عندنا ليست مسيرة لصالح الأقلية بل هي لصالح الجماهير و منه أخذ نظامنا اسم الديمقراطي ) .